سورة الدخان - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الدخان)


        


{وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِى إسراءيل مِنَ العذاب المهين} من استعباد فرعون وقتله أبناءهم.
{مِن فِرْعَوْنَ} بدل من {العذاب} على حذف المضاف، أو جعله عذاب لإِفراطه في التعذيب، أو حال من المهين بمعنى واقعاً من جهته، وقرئ: {مِن فِرْعَوْنَ} على الاستفهام تنكير له لنكر ما كان عليه من الشيطنة. {إِنَّهُ كَانَ عَالِياً} متكبراً. {مِّنَ المسرفين} في العتو والشرارة، وهو خبر ثان أي كان متكبراً مسرفاً، أو حال من الضمير في {عَالِياً} أي كان رفيع الطبقة من بينهم.
{وَلَقَدِ اخترناهم} اخترنا بني إسرائيل. {على عِلْمٍ} عالمين بأنهم أحقاء بذلك، أو مع علم منا بأنهم يزيغون في بَعض الأحوال. {عَلَى العالمين} لكثرة الأنبياء فيهم أو على عالمي زمانهم.
{وءاتيناهم مِنَ الآيات} كفلق البحر وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى. {مَا فِيهِ بَلَؤٌاْ مُّبِينٌ} نعمة جلية أو اختبار ظاهر.
{إِنَّ هَؤُلآء} يعني كفار قريش لأن الكلام فيهم وقصة فرعون وقومه مسوقة للدلالة على أنهم مثلهم في الإِصرار على الضلالة، والإِنذار عن مثل ما حل بهم. {لَيَقُولُونَ}.
{إِنْ هِىَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأولى} ما العاقبة ونهاية الأمر إلا الموتة الأولى المزيلة للحياة الدنيوية، ولا قصد فيه إلى إثبات ثانية كما في قولك: حج زيد الحجة الأولى ومات. وقيل لما قيل إنكم تموتون موتة يعقبها حياة كما تقدم منكم موتة كذلك قالوا إن هي إلا موتتنا الأولى، أي ما الموتة التي من شأنها كذلك إلا الموتة الأولى. {وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ} بمبعوثين.
{فَأْتُواْ بِئَابَائِنَا} خطاب لمن وعدهم بالنشور من الرسول والمؤمنين. {إِن كُنتُمْ صادقين} في وعدكم ليدل عليه.
{أَهُمْ خَيْرٌ} في القوة والمنعة. {أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} تبع الحميري الذي سار بالجيوش وحير الحيرة وبنى سمرقند. وقيل هدمها وكان مؤمناً وقومه كافرين ولذلك ذمهم دونه. وعنه عليه الصلاة والسلام: «ما أدري أكان تبع نبياً أم غير نبي» وقيل لملوك اليمن التبابعة لأنهم يتبعون كما قيل لهم الأقيال لأنهم يتقيلون. {والذين مِن قَبْلِهِمْ} كعاد وثمود. {أهلكناهم} استئناف بمآل قوم تبع، {والذين مِن قَبْلِهِمْ} هدد به كفار قريش أوحال بإضمار قد أو خبر من الموصول إن استؤنف به. {إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ} بيان للجامع المقتضي للإهلاك.
{وَمَا خَلَقْنَا السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا} وَمَا بين الجنسين وقرئ: {وما بينهن}. {لاَعِبِينَ} لاهين، وهو دليل على صحة الحشر كما مر في الأنبياء وغيرها.
{مَا خلقناهما إِلاَّ بالحق} إلا بسبب الحق الذي اقتضاه الدليل من الإيمان والطاعة، أو البعث والجزاء. {ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} لقلة نظرهم.
{إِنَّ يَوْمَ الفصل} فصل الحق عن الباطل، أو المحق عن المبطل بالجزاء، أو فصل الرجل عن أقاربه وأحبائه.
{ميقاتهم} وقت موعدهم. {أَجْمَعِينَ} وقرئ: {ميقاتهم} بالنصب على أنه الاسم أي إن ميعاد جزائهم في {يَوْمُ الفصل}.
{يَوْمَ لاَ يُغْنِى} بدل من {يَوْمُ الفصل} أو صفة ل {ميقاتهم}، أو ظرف لما دل عليه الفصل لاله الفصل. {مَوْلَى} من قرابة أو غيرها. {عَن مَّوْلًى} أي مولى كان. {شَيْئاً} من الاغناء. {وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ} الضمير ل {مَوْلَى} الأول باعتبار المعنى لأنه عام.
{إِلاَّ مَن رَّحِمَ الله} بالعفو عنه وقبول الشفاعة فيه، ومحله الرفع على البدل من الواو والنصب على الاستثناء {إِنَّهُ هُوَ العزيز} لا ينصر منه من أراد تعذيبه. {الرحيم} لمن أراد أن يرحمه.
{إِنَّ شَجَرَة الزقوم} وقرئ بكسر الشين ومعنى {الزقوم} سبق في (الصافات).
{طَعَامُ الأثيم} الكثير الآثام، والمراد به الكافر لدلالة ما قبله وما بعده عليه.
{كالمهل} وهو ما يمهل في النار حتى يذوب. وقيل دردي الزيت. {يَغْلِي فِى البطون} وقرأ ابن كثير وحفص ورويس بالياء على أن الضمير لل {طَعَامٌ}، أو {الزقوم} لا {للمهل} إذ الأظهر أن الجملة حال من أحدهما.
{كَغَلْىِ الحميم} غلياناً مثل غليه.
{خُذُوهُ} على إرادة القول والمقول له الزبانية. {فاعتلوه} فجروه والعتل الأخذ بمجامع الشيء وجره بقهر، وقرأ الحجازيان وابن عامر ويعقوب بالضم وهما لغتان. {إلى سَوَاءِ الجحيم} وسطه.


{ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الحميم} كان أصله يصب من فوق رؤوسهم الحميم فقيل يصب من {فَوْقَ} رؤوسهم {عَذَابِ} هو {الحميم} للمبالغة، ثم أضيف ال {عَذَابِ} إلى {الحميم} للتخفيف وزيد من الدلالة على أن المصبوب بعض هذا النوع.
{ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم} أي وقولوا له ذلك استهزاء به وتفريعاً على ما كان يزعمه، وقرأ الكسائي {أنك} بالفتح أي ذق لأنك أو {عَذَابِ} {إِنَّكَ}.
{إِنَّ هَذَا} إن هذا ال {عَذَابِ}. {مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ} تشكون وتمارون فيه.
{إِنَّ المتقين فِى مَقَامٍ} في موضع إقامة، وقرأ نافع وابن عامر بضم الميم {أَمِين} يأمن صاحبه عن الآفة والانتقال.
{فِى جنات وَعُيُونٍ} بدل من مقام جيء به للدلالة على نزاهته، واشتماله على ما يستلذ به من المآكل والمشارب.
{يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} خبر ثان أو حال من الضمير في الجار أو استئناف، والسندس ما رَقَّ من الحرير والاستبرق ما غلظ منه معرب استبره، أو مشتق من البراقة. {متقابلين} في مجالسهم ليستأنس بعضهم ببعض. {كذلك} الأمر كذلك أو آتيناهم مثل ذلك. {وزوجناهم بِحُورٍ عِينٍ} قرناهم بهن ولذلك عدي بالباء، والحوراء البيضاء والعيناء عظيمة العينين، واختلف في أنهن نساء الدنيا أو غيرها.
{يَدْعُونَ فِيهَا بِكلّ فاكهة} يطلبون ويأمرون بإحضار ما يشتهون من الفواكه لا يتخصص شيء منها بمكان ولا بزمان. {ءامِنِينَ} من الضرر.
{لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الموت إِلاَّ الموتة الأولى} بل يحيون فيها دائماً، والاستثناء منقطع أو متصل والضمير للآخرة و{الموت} أول أحوالها، أو الجنة والمؤمن يشارفها بالموت ويشاهدها عنده فكأنه فيها، أو الإِستثناء للمبالغة في تعميم النفي وامتناع {الموت} فكأنه قال: {لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الموت} إلا إذا أمكن ذوق الموتة الأولى في المستقبل. {ووقاهم عَذَابَ الجحيم} وقرئ: {ووقاهم} على المبالغة.
{فَضْلاً مّن رَّبّكَ} أي أعطوا كل ذلك عطاء وتفضلاً منه. وقرئ بالرفع أي ذلك فضل. {ذلك هُوَ الفوز العظيم} لأنه خلاص عن المكاره وفوز بالمطالب.
{فَإِنَّمَا يسرناه بِلَسَانِكَ} سهلناه حيث أنزلناه بلغتك وهو فذلكة السورة. {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} لعلهم يفهمونه فيتذكرون به ما لم يتذكروا.
{فارتقب} فانتظر ما يحل بهم. {إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ} منتظرون ما يحل بك. عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حم الدخان ليلة جمعة أصبح مغفوراً له».

1 | 2